الأحد، 31 يوليو 2011

معركة الكعب العالي



متأكد انني شاهدتها عشرات المرات في طريقي اليومي,لا ادري ما لفت انتباهي اليها ذلك اليوم فقد اصبحت جزئا من ديكور الشوارع هذه الايام,لوحة اعلانية متوسطة الحجم نصفها الاسفل تملؤه مجموعة من الاحذية النسائية ذات الكعب العالي تتوسطها عبارة كبيرة"هذا ليس حجابا" ضمن حملة تهدف الى"تصحيح الحجاب" و تثبيت هيمنة قوى الاسلام السياسي على المشهد في العراق.
ارجع بنفسي نصف قرن الى الوراء حيث كانت مصر تقود صراعا وجوديا مع القوى الكبرى عندما قرر الراحل جمال عبد الناصر بناء سد عملاق يحفظ مياه النيل الضائعة و له انعكاسات ايجابية كبرى على الزراعة و توليد الطاقة و بالتالي الصناعة و شتى اذرع الاقتصاد,حينها رفضت جميع القوى الكبرى مد يد العون لمصر في انجاز هذا المشروع مما دفع عبد الناصر الى تأميم قناة السويس الحيوية للاستفادة من مواردها في بناء السد فرد الغرب بحرب ثلاثية تصدى لها شعب مصر أصبحت رمزا لتطلع الشعوب نحو حياة كريمة و مستقبل افضل.
ان "معركة السد العالي" انطبعت في الوجدان العربي لعقود خلت و هي دليل على عظم الطموح العربي بدولة عصرية مستقلة و حياة كريمة لشعوب هذه المنطقة.
فما الذي حصل كي تتقزم افكارنا الى هذه الدرجة؟وكيف تقهقرنا لتصبح معاركنا الكبرى سجالات ضحلة عن كيفية الوضوء و الصلاة و عن احقية الحكم قبل خمسة عشر قرنا و عن تصاميم الازياء الاكثر ارضاءا لله- تعالى عن ذلك علوا كبيرا- و الادهى و الامر: قيادة المرأة للسيارة.
لا يسعني احصاء كم من الفضائيات تأسست و بأموال ضخمة لمجرد التطبيل لهذه السجالات؟و كم من الشخصيات التافهة حُولت الى نماذج بطولية دون ادنى سبب معقول.
ان مجتمعنا الغارق حتى قمة رأسه بالمشاكل و الامراض اصبح كالنعامة التي تخفي رأسها في قذارات طائفية كي تتعامى عن رؤية السلم الحضاري الي نحتل قاعدته بكل فخر.
لن ادخل هنا في التفاصيل و انا و انتم في غنى عن الامثلة فالامر اوضح من الشمس بكثير...
عندما اذكر الاغنية المصرية الفخورة و هي تقول"واحنة اللي بنينا السد العالي" ترتسم على وجهي ابتسامة ساخرة حزينة و انا اتخيل مغفلا من هؤلاء يشمخ بأنفه مرنما"احنة اللي منعنا الكعب العالي"....انما يتذكر اولو الالباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق