الأحد، 7 أغسطس 2011

تأملات وجدانية-3-.....الاسلام


ملاحظة:يُرجى متابعة السلسلة من البداية......

تحدثت في جزء السابق عن طبيعة الدين بشكل عام بين فهم سائد و اخر احاول ان اخرجه من بطون الكتب الى الواقع بأقل قدر من الاطالة.
اما الان فسأتحدث عن رؤيتي للاسلام معتمدا على اساسيات هذا الدين الذي لا يمكن لأحد ان ينكره دوره الفكري و الروحي و السياسي في رسم خارطة العالم في ماضيها و حاضرها و مستقبلها و على جميع الصعد.
سنبدا من العنوان:الاسلام
يعتقد معظم الناس ان الاسلام هو الدين الذي جاء به محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي قبل 1400 عام امرا الناس بالصلوات الخمس و الصوم و الحج....الخ,وربما يراه الغرب على انه الدين الذي يأمر بقتل الناس و حبس النساء و اطالة اللحى لا اكثر و كأن الاسلام ليس سوى:احداث الحادي عشر من سبتمبر.
ما هو الاسلام؟
لغة هو التسليم المطلق...
الاسلام هو التسليم الخالص لله,هو الكفر بجميع الالهة الاخرى سواه, يمكننا ان نرى الاسلام ملخصا بشعاره الازلي:لا اله الا الله.
و معنى ذلك هو ان يكفر الانسان بكل ما يقيد انسانيته من الهة فلا يسجد لا لحجر و لا لبشر و الاهم ان لا يركع ذليلا امام رغبة او طمع او هوى.ان لا يهين انسانيته-وروحه الالهية- امام حاكم او سلطان,ان لا يهين انسانيته لصالح العنصرية او القبلية او المذهبية.
ان يكون مسلما يعني ان يكون انسانا....ان يكون حراً.
الاسلام هو ان ترى نفسك عظيما لأنك من الله و اليه ضاربا عرض الحائط الهة الغرائز و العنصريات و الغنى المادي و الوجاهة الاجتماعية و المنصب السياسي.
ان التسليم لله هو الانقياد المطلق لقوة الحب الازلية التي لا يليق لأنسان بالمكانة الكونية التي اعطيت له ان يخضع لغيرها,
يروي القرأن الكريم في سورة الانسان قصة في علي بن ابي طالب و اهل بيته (عليهم السلام) ملخصها ان عليا و فاطمة صاما ثلاثة ايام – نذرا - وفي كل يوم و عند موعد الافطار يمر سائل فيعطيانه فطورهما و ينامان على الماء والجوع.
هذه لحظة يتجلى فيها الاسلام بأبسط و اعمق صوره,هنا امرأة جائعة و زوجها امام نداء ملح من غريزة طبيعية لتناول الطعام و نداء اخر من الله,من الروح تجلى في صوت ذلك السائل(يوم مسكين و يوم يتيم و يوم اسير).هنا يقول علي و تقول فاطمة لجسديهما:لا اله الا الله,يستجيبان لنداء الحب فيخلدهما عز و جل في القران الكريم "
 وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا".
ان هذا الفهم للاسلام يفسر لنا الايات القرانية التي تصف جميع الانبياء بالاسلام,و هم قبل بعثة النبي محمد(ص) بقرون
فهم جميعا حملوا هذه الرسالة:ايها الانسان لا شيء في الوجود اكرم منك فلا تذلن نفسك لشيء او احد,الحب وحده قائدك و الله وحده من يستحق ان تسلمه زمامك.
يقول المفكر عباس محمود العقاد:
"الباحث عن الله يبحث عنه لأنه يرى نقصا في الوجود لا يكمله إلا الله.. أو لأنه يرى إعجابا بالوجود لا يستحقه إلا الله".
ان الاختلاف الحاصل في بعض التشريعات بين التوراة مثلا و القران(او الناسخ و المنسوخ في القرأن الكريم) مرده الى اختلاف الظروف الزمانية و المكانية لأن هذه التشريعات و الاحكام التفصيلية جاءت لتنظيم حياة الناس في زمان و مكان معينين لذا نجدها تتغير بتغير هذه الظروف.ان جوهر الرسالة ثابت لا يتغير,باق بقاء الانسان على وجه الارض,سرمدي خالد.و لا ضير من تجاوز بعض الاحكام القديمة التي وضعت لملائمة مجتمع معين له خصوصياته- كقطع يد السارق مثلا- او غيره الى احكام اكثر محاكاة لروح العصر مادمنا نحقق غاية العدل. فالحكم يدور مدار المصالح و المفاسد و هي قاعدة معروفة في الفقه.
هنا نستطيع فهم الدعاء المأثور"اللهم انا نسألك دولة تعز فيها الاسلام و اهله و تذل فيها النفاق و اهله" فهماً جديدا لا يعني ان الدولة المنشودة يعز فيها المسلمون بالهوية و يذل فيها غيرهم بأي حال.بل نفهم منه دولة عادلة يعز فيها الانسان النزيه الذي لا يكذب و لا ينافق و لايخضع لأحد,لا يقدم الرشوة و لا يستغل الواسطة لأجل المنصب,انسان يكرس عمره للعلم و العمل الشريف.نسأل الله دولة يعز فيها مثل هذا و يذل فيها من يدعي التدين للحصول على مكانة ما و من يتزلف للظلمة و ذوي المنصب و من يشيع التعصب بأنواعه و الاستهانة بكرامة الانسان الفرد.
ان التحية في الاسلام:السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
وعند البدء بقراءة القران او عند الشروع بأي عمل:بسم الله الرحمن الرحيم
ان هذه الظواهر – لو لم نعتد عليها- لهي خصائص في منتهى الاستثنائية فأي فرد هذا الذي يسعى الاسلام لبناءه و هو يرمي السلام في وجه من يلقاهم رائحا و غاديا و لا يقوم بعمل الا بسم اله اهم صفاته الرحمة؟؟؟
و السؤال الاهم لماذا تحولت هذه الشذرات المضيئة الى مظاهر معتادة لا نشعر لها بأي تأثير على حياتنا و نمط سلوكنا؟
في الحقيقة اننا كمسلمين اذ نسمع نداء الله خمس مرات يوميا بينما لا ننفذ منه شيئا على الاطلاق يضعنا امام علامة استفهام كبرى لم اجد لها جوابا حتى الان.....
تأملوا في الاذان:
نشهد ان لا اله الا الله....فهل تركنا جميع الالهة الاخرى؟ام ما زلنا عبيد انانيتنا و فئويتنا الضيقة؟
نشهد ان محمدا رسول الله....فما تأثير هذا؟هل اتبعناه فعلا؟
حي على الصلاة....اي صلاة نصلي؟وهل نقف بقلوب عاشقة بين يدي الله فعلا؟ام مجرد الفاظ نقولها بعجالة لنعود الى الهتنا الاخرى؟
حي على الفلاح....هل نحن امة فلاح و نجاح؟لا اظن ذلك
حي على خير العمل....اي عمل خير نقوم به؟؟؟؟
الله اكبر...هل الله اكبر شيء في حياتنا فعلا؟؟؟ما تجليات ذلك في واقعنا
تأملوا معي في قول رسول الله(ص):"الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فأن لم تكن تراه فأنه يراك"

"وذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين" 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق