الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

الحياة...مسرحية كوميدية

آه منك ايتها الدنيا الخادعة كم احتار بك الواصفون فلم يجدوا لك سوى الفناء وصفا و العدم منتهى و مالا
انها حياتنا كما اصفها و لا ادعي صحة وصفي بأي حال-فهذه الدنيا لا يمكن وصفها إلا لمن خلقها- نعم انها مسرحية هزلية كوميدية امتازت بان ليس لها بطل و فيها بطولة و ليس فيها ممثل و تعج بالادوار و ليس فيها متفرج واحد على سعة جمهورها و مريديها فالكل بطل مسرحيته و الكل يمثل خادعا غيره و الكل متفرج على مسرحية حياة من عرفهم فيسخر منها و يسخرون من حياته و لا يدري الصاحب ان صاحبه يمثل عليه و يبدي غير ما في نفسه و لا يدري ان حياته مثار ضحك الناس الذين طالما سخر هو منهم.
فمن هو بطل قصته الخاصة هو ممثل دور ثانوي في حياة اقرباءه و هو بذات الوقت مجرد "كومبارس" في حياة سائق سيارة الاجرة و هو متفرج على حياة جار له و هكذا تدور المسرحية يوميا دون مؤلف او مخرج لتشكل مشهدا اشبه ما يكون بالسحاب قد يكون مجرد سحابة صيف كاذبة جافة غير ممطرة او قد يكون مثمرا مدرارا للخير وطامعين بالغيث. الحياة او مدمرا ينزل الكوارث على رؤوس من يتبعون مساره راجين الخير و
وهنا افهم لماذا نحب الكوميديا و "عادل امام" بالذات فالرجل ليس له أي ابداع خاص او خيال خصب جامح كل ما يقوم به هو اقتطاع مشاهد من حياتنا و اعادة عرضها علينا و نحن نضحك عليها مطلقين العنان لأصوات قهقهاتنا اذ ننسى ان عادل هو البطل و نرى انفسنا مكانه.... فنضحك
ياللسخرية
من منا لم يكن في مدرسة المشاغبين؟من لم يعاني من استهتار الزعيم؟من منا لم يكن طوال حياته مجرد"شاهد مشفش حاجة" ؟؟؟؟؟؟
ان سألتني عن بطل قصة"تاجر البندقية"فسأجيبك بسهولة اما اسم أي بطل في مسرحية كوميدية فلن اذكره الا بصعوبة و ربما لن اذكره اطلاقا و السبب انني و كما اسلفت ابصر نفسي و احداث حياتي فلا اكترث لاسم البطل و لا حتى لشكله و كلامه.
لقد تمت برمجة عقولنا لاعتياد مشاهد الكوميديا الحياتية رغم غرابتها الشديدة دون اكتراث و لنتفكر مرة اخرى؟
اليس مشهدا غريبا ان ترى رجلا بمستوى طبيب اختصاصي او مهندسا متعلما و استاذا جامعيا مثقفا و هو يعيش اروع لحظات عمره باستنشاقه لدخان ورق نبات جاف محترق يسمى اصطلاحا "السيجار"؟
اليس عجيبا رؤية ابتسامة فخورة صفراء على وجه صاحب المولد لمجرد انه وفر نصف ساعة من فترة التشغيل فكأنه حقق انجازا كبيرا بهذا ؟؟؟؟؟؟؟؟
اليس مضحكا ان يتحدث قادة العنصرية في العالم عن السلام و ان يحاكم الجلاد الضحية بتهمة "معاداة السامية"او ان يقتل قراء القران في مساجدهم بتهمة الكفر؟؟؟
اليس مضحكا دخولي مجال المجموعة الطبية الذي لم احبه يوما و دون سبب الا انه يعد في اعراف المجتمع و برمجته المسبقة خسارة ان تترك هذه المجموعة الى ما هي"اقل منها"حسب تعبيرهم؟؟؟؟؟؟؟
بل و المشهد الاكثر غرابة هو ان شخصا مثلي وجد في وقته فراغا قاتلا فقرر ملأه بنقل المشاهد الهزلية من مشاهداته عن حياة من حوله متناسيا-وليس ناسيا- ان حياته الخاصة تعج بها؟؟؟؟
اليس مضحكا حقا ان نرى كل هذا....ولا نضحك؟؟؟؟
لا ليس كذلك ابدا على الاقل ليس بالنسبة لمن استحالوا لآلات مبرمجة همها زيادة وزنها و ساعات نومها و سنوات عمرها
اجهزة لا تشعر الا ادعاءا و لا تفكر الا تظاهرا و ليس لها من الدين -على كثرة حديثها عنه- الا القشور و مادة للتجاذب و المزايدات و اخضاع خلق الله
"انما يتفكر اولو الالباب" فلنستعد البابنا و عقولنا ممن ازالوا عنا وصف الانسانية كي ننجح في الحياة.
ان هذه مجرد خواطر على عقل اضناه السرى في صحراء قاحلة على غير هدى و دون معرفة الى اين يمضي قتله العطش الى المعرفة و الجوع الى الحكمة و الشوق الى الحب ليجد نفسه و قد هربت منه فرس الواقعية و ضاعت عنه قافلة السائرين بأتجاه العدم فلم يعد له الا التفكير ليعرف انه ما زال حيا لم يمت و ان ظلمة الليل تدل على اقتراب الصباح
"ان هذه تذكرة فمن شاء ذكره"
والختام
سلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق