الاثنين، 17 أكتوبر 2011

دراسة عن السلوك الذكوري في المجتمع


استكمالا للمقال السابق حول ثقافة التخويف في مجتماعتنا العربية سنعرج على مظاهر و تجليات هذه الثقافة في الحياة الاجتماعية,اصولها والاثار المترتبة عليها بعد ان اشرنا الى دورها في الخطاب الديني.
لقد نشأت الاسرة العربية (التقليدية) على ارث بدوي بالاساس لا تحجبه الصبغة الدينية.
سنتناول ثلاث خصائص اساسية ترتبط بمفهوم الترهيب وهي:الذكورية,الجمعية و المثالية الزائفة.
ان العقلية الذكورية تنطلق من مبدأ الحاجة الطبيعية للمرأة الى الرجل الحامي و المعيل,هذه الحاجة التي فرضتها الظروف التاريخية و الاجتماعية في الحقب الزمنية المنصرمة على امتداد العالم و كان للمجتمعات البدوية و منها مجتمع الجزيرة العربية حصة الاسد.اذ ان نمط الحياة المبني على شحة الموارد و الترحال الدائم و الحروب الغير منتهية ادت الى ان تكون لنموذج الرجل المقاتل موقعية المثال و القدوة على حساب الرجل المفكر و الرجل العامل و بكل تأكيد على حساب المرأة.لقد احتقر العرب الرجل الذي يتخذ لنفسه حرفة كالنجارة و الحدادة و غيرها حتى اسموها"بالمهنة" مشتقة من المهانة و الاذلال.ان الرمزية الذكورية المتمثلة في شخصية الرجل القوي الذي تقدم له القرية الاتاوات ظل متواجدا حتى النصف الاول من القرن الماضي متمثلا بالشقاوات و البلطجية ثم اضمحل تدريجيا مع صعود تيار الحداثة ليقترب من التلاشي ثم عاد مرة اخرى بصيغة قومية او وطنية مع تولي شخصيات عسكرية او امنية عديمة الثقافة الحكم في العالم العربي و تأسيسها لأنظمة قمعية يجد فيها هذا"الذكر"متسعا له,ثم تمظهرت مرة اخرى بصورة البطل الديني والمذهبي مع صعود نجم الاسلام السياسي في العقود الثلاثة الماضية.
ان هذه الذكورية ادت الى استبعاد المرأة الى موقعية ثانوية في الحياة الاجتماعية و هذا كان امرا طبيعيا عندما كانت في حمى الرجل و ذمته الا ان نمط الحياة الحديث قد ساوى المرأة من حيث المستوى العلمي بالرجل و منحها استقلالية اقتصادية و ووفر من انظمة حفظ الامن ما يغنيها عن حماية الرجل بالصيغة انفة الذكر و رغم ذلك لا تزال مجتمعاتنا خاصة في بيئاتها المحافظة تعامل المرأة بطريقة "سي السيد" وبشيء من الازدراء اذ نجد ان الرجل لم يزل يتمنى و يسعى الى ابقاء النساء في بيته داخل المنزل اكثر فترة ممكنة و لم يزال يستحي من ذكر اسمها او حتى ذكر صفتها باللفظ الشائع فنشاهد لفظة"اهلي" بدل زوجتي و"رضيعتي" بدل اختي و هكذا نشاهد في اعلانات الوفاة"عقيلة فلان و كريمة فلان" دون ذكر اسمها الصريح و لا ادري ما الغاية من ذلك.المشكلة هي في الباس هذا السلوك رداءا دينيا منتحلا و مكذوبا و لعمري انني ارى معاناة النبي الاكرم و هو يخاطب هذه العقول الجاهلة صادحا على المنبر"فاطمة بضعة مني"و"فاطمة ام ابيها" دون مواربة و لا القاب جوفاء دون ان يفت في عضد جهالتهم شيء.
نلاحظ ايضا ان الرجل مثلا يفتخر بعدد علاقاته ومن اوقعهن في حبائله من الحسان دون ان ينوبه من اللوم الا اليسير بل اني سمعت رأيا شائعا و هو ان المرأة المتحررة و المثقفة تصلح كعلاقة عابرة اما عند الزواج فأن نموذج المرأة المطيعة هو الافضل.
 اما المرأة فيجب ان تمر عبر الف بوابة كي تبرر صداقة انسانية مع زميل او ما شابه و ان تجاوزت الحدود و لو بشيء يسير احدى المرات فالعار كل العار لها و لذويها مدى الزمن.
ان  جعل المنزل "مكان المرأة الطبيعي" و التقليل من انخراطها بالحياة العامة قدر الامكان اضافة الى نظرة المجتمع المرتابة للمرأة العازبة"العانس" او المرأة المطلقة و سيل الاشاعات و علامات الاستفهام المثارة حولها ادت الى نشوء عقدة نفسية بين كثير من نساءنا. تشعر المرأة بتلقين من المحيط ان الحصول على زوج هو هدف بحد ذاته منحية شرائط الحب و التفاهم و ما الى ذلك فالهدف هو تجنب عار العنوسة فقط مما ادى الى تسطيح الفكر النسوي و حصره في مسائل من هذا النوع و ما ترتب عليه من الغيرة و الحسد و النفاق ليأتي البعض فيتخذوا هذه الظاهرة حجة و دليلا على دونية المرأة نسبة للرجل دون النظر الى الاسباب و دون اللجوء لتحليل علمي و اجتماعي رصين او منصف.
سأكتفي بهذا المقدار و للحديث تتمة....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق